الإسلام هو دين الأخلاق الحميدة، فقد دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها. وقد مدح الله عز وجل نبيه، فقال:
{وإنك لعلى خلق عظيم}.
[القلم: 4].وقال تعالي :-{ والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس }(آل عمران : 134)هذا وقد أثني الله سبحانه وتعالي علي رسولنا العظيم فقد سمي خلقه عظيما اذ لم يكن مع الخلق همه سوي الله سبحانه وتعالي ... عاشر الخلق بخلقه وزايلهم بقلبه فكان ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق . كان صلي اله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفا رحيما وكان يغلظ علي الكفار وينتقم لله سبحانه وتعالي .قرأت عائشة رضي الله عنها ( قد أفلح المؤمنون ) الي عشر آيات ثم سئلت عن خلقه صلي الله عليه وسلم فقالت : - كان خلقه القرآن .. أي آدابه وأوامره وقد عبر أبن عباس ومجاهد عن الخلق .. بالدين والشرع .. وقال علي رضي الله عنه هو أدب القرآن ... وقال صلي الله عليه وسلم : - (( أن الله بعثني لأتمم مكام الأخلاق )) وقال صلي الله عليه وسلم : - (( أدبني ربي فأحسن تأديبي )) أذ قال الله عز وجل : -[ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ]يا حبيبي يا رسول اللهقال أنس رضي الله عنه : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا(متفق عليه)وعنه قال : - ( ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلي الله عليه وسلم , ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلي الله عليه وسلم , ولقد خدمت رسول الله صلي الله عليه وسلم عشر سنين - مدة توطنه المدينه صلي الله عليه وسلم بعد هجرته اليها جاء به أهله للرسول ليخدمه فأخدمه - فما قال لي قط : أف , ولا قال لشئ فعلته : لم فعلته ؟ ولا لشئ لم أفعله : ألا فعلت كذا ؟ .( متفق عليه )وعن أبي الدرداء رضي الله عنه : ( أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق , وأن الله يبغض الفاحش البذئ* )( رواه الترمذي وقال : - حديث حسن صحيح )* والبذئ : هو الذي يتكلم بالفحش , وردئ الكلام .وقد جعل الله - سبحانه وتعالي - الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية، يقول الله سبحانه وتعالى :
{وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين . الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 133-134].كما أمرنا الله عز وجل بمحاسن الأخلاق، فقال تعالى:
{ادفع بالتي هي أحسن فإذا بالذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}[فصلت: 34].وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، فقال:
(اتق الله حيثما كنتَ، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُق حَسَن) [الترمذي]. وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : -
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : - (( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة* لمن ترك المراء*, وان كان محقا , وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب*, وأن كان مازحا* , وببيت في أعلي الجنة لمن حسن خلقه))(حديث صحيح رواه أبو داوود باسناد صحيح) .
* ربض الجنة : ما حولها خارجا عنها .
* المراء : المجادلة بعد أن يرشد خصمه الي الحق فيأبي أن يسايره في منازعة ومخاصمة .
* الكذب : الأخبار بخلاف الواقع أي لا مصلحة راجحة فيه .
* مازحا : بكذبه غير قاصد فيه الجد .
وحسن الخلق أحبابي كما رواه الترمذي عن عبد الله بن المبارك رحمه الله ( حسن الخلق هو طلاقة الوجه
* وبذل
* المعروف وكف الأذي
*).* طلاقة الوجه : متهللا بساما .
* بذل : بذل الندي والأحسان .
* كف الأذي : أي من قول أو فعل .
فعلى المسلم أن يتجمل بحسن الأخلاق، وأن يكون قدوته في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أحسن الناس خلقًا، وكان خلقه القرآن، وبحسن الخلق يبلغ المسلم أعلى الدرجات، وأرفع المنازل، ويكتسب محبة الله ورسوله والمؤمنين، ويفوز برضا الله -سبحانه- وبدخول الجنة.
وأخيرا
( الأخلاق ) هي أختيار الفضائل وترك الرذائل . وأن يظهر منه لمن يجالسه أو يرد عليه البشر والحلم , والأشفاق والصبر, علي التعليم والتودد الي الصغير والكبير . قالت عائشة رضي الله عنها : ( ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلي الله عليه وسلم, ما دعاه أحد من أصحابه , ولا من أهل بيته ألا قال : ( لبيــــك ) .
وشكرا ولكم التحية ...
( المصدر : رياض الصالحين - للأمام محيي الدين أبي زكريا
يحيي بن شرف النــــــــــــــــــــووي )
(باب حسن الخلق)اللهم صلي وسلم وبارك علي حبيبنا ورسولنا محمد